حــب وأصدقــاء وسعـــادة !( القصة ا!لحائزة على وسام القصة الرائعة ) *2012*
كاتب الموضوع
رسالة
عبقرية بدبد
عدد المساهمات : 162 تاريخ التسجيل : 07/08/2012
موضوع: حــب وأصدقــاء وسعـــادة !( القصة ا!لحائزة على وسام القصة الرائعة ) *2012* الثلاثاء أغسطس 07, 2012 2:34 pm
سندس : لم يكن ياسين مثل باقي أبناء جيله
فــ منذ لحظة تعرفي عليه شعرت بـ أن ملامحه تخفي الكثير من الإندهش الذي حفزني لاحقاً على تعرفي عليه .. عيناه الرمليتان العميقتان وشعره الأسود الذي يرفعه إلى الأعلى بــ طريقة توحي بــ شموخ وكبرياء وهندامه الأنيق الذي يسر النظر ، كل هذه الملامح جعلتني أراه كــ غير كل الرجال . لقد تعب ياسين في حياته فقد كان من أسرة فقيرة جداً ويسكن هو وأهله بيت من الصفيح في منطقة نائية تبعد عن العاصمة كثيراً ، ولم يكن أباه يصرف عليه ولا حتى يدفع مصاريف جامعته . ياسين هو الشخص الوحيد من بين كل الرجال الذي جعلني أقتنع بـ أن الرجولة لاتكون محصورة في لقب ( رجل أو ذكر ) بل تكون قول وفعل ، ولذا كنت أمني نفسي أن يكون ياسين من نصيبي وبــ الفعل تحقق هذا الأمر عندما بدأنا بـ التواعد في الجامعة ، فقد كنت أدرس أنا وياسين في جامعة واحدة وهناك تعرفت عليه .
خالد : رغم الحياة الهانئة والرغيدة جداً التي وفرها أهلي لي إلا أنني لم أكن سعيد بــ تلك الحياة ..!! ورغم أنني في مقتبل العمر وكل ما أطلبه يتحقق قبل أن يرتد طرفي إليّ ، فــ والدي يمتلك شركة عقارات كبيرة أوكلت لها عطاءات الدولة لـ حسن سمعتها وكفاءة العاملين فيها ، أنهالت الأموال على أبي وأخذ يجمع المال ويكدسه في البنوك ولا أدري لماذا أستمات أبي على المال بـ هذه الطريقة ! ظلت تساؤلات عديدة تدور في ذهني فــ أبي وأمي لم يرزقا بـ أبناء غيري ، كنت وحيداً وليس لي أصدقاء غير رفقاء السوء الذين كنت ألتقي بهم في البارات وتلك الحفلات الصاخبة وهذا لو أعتبرت أن هؤلاء هم رفقاء !! كنت أسهر معهم كل ليلة حتى أنسى وحدتي وكآبتي من هذه الدنيا ، فـ مال أبي الوفير فشل بـ شكل يثير الشفقة في إسعادي ...! عندها أدركت أن المال هو من زينة الحياة كما قال الله عنه ، لكنه لن يكون سبباً أوحداً لـ جلب السعادة فــ كم فقير وبائس ومحتاج والسعادة تغمره فـ السعادة لاتقاس بــ المال . لقد كان عدم أهتمام أبي وأمي بي عقدة وحسرة ظلت تلازمني طيلة حياتي ، فـ من مشاغل أبي وهوايته الجنونية في تكديس الأموال في البنوك إلى أمي سيدة المجتمع البرجوازية التي كانت مهووسة بـ التسوق وإقامة الحفلات الخيرية هي وصديقاتها وتجعل ريعها لـ الجمعيات الخيرية لـ تلميع صورهم في مرآة المجتمع المزيفة ، كانوا يهتمون بـ أنفسهم بـ طريقة بالغوا فيها ونسوا أن لهم أبناً وحيداً أنجبوه .... لم أذكر يوماً أن أحتضني أحدهما إلا قليلاً وكأنهما مجبورين على ذلك ويريدان أن يتخلصا من هذا الحمل .
ياسين : مرت ليالي طويلة وشديدة السواد وأبي مازال لايستطيع الحراك فقد أصيب بـ مرض الديسك في ظهره بـ سبب عمله المتواصل في مصنع الكيماويات نهاراً وليلاً حتى يحصل على ضعف راتبه ويؤمن حياتنا لـ نعيش أنا وأخوتي في حياة كريمة ، فــ هذه الحياة صعبة وتحتاج إلى التعب الكثير لـ تحيا بها غير محتاجاً كريم النفس . أصبح أبي غير قادر على متابعة عمله وكنت حينها أتممت تسجيلي بـ الجامعة ذات التكاليف التي التي لا أقدر عليها ولا حتى أبي الفقير صاحب الخمسين عاماً . رأيت لون الحياة أتشح بـ السواد وكأنها أعلنت الحداد على حالتي ، ولكن قلت في نفسي يجب أن يكون هناك حلاً فــ قررت أن أجد عملاً يساعدني على تكاليف الجامعة ومساعدة أهلي ، وبدت تلك الأيام تسير ببطء شديد ( ربما أكون أولا أكون ) كنت أظل أردد هذه الكلمات في خلجات صدري ، ومضت تلك الأيام ومرت سنتان على دراستي بـ الجامعة وفي أحد الأيام كنت في مكتبة الجامعة فقد كنت أحب قراءة كتب القصص والروايات التي تنشد هدفاً في مضمونها ولا يهم إن كانت رومانسية أو علمية أو حتى نفسية ، وكنت أحزن كثيراً عندما أقرأ رواية أو قصة وأجد أن ليس بها أي هدف . في لحظات شعرت بــ صكيك باب الجامعة الذي كان يحدث صوتاً مزعجاً وتبعثر ذهني لـ أجد ريــــــــــح فــــــــــــــرح قادمة بــ إتجاهي .... كـــانت ســنــدس ... هي سندس تلك الفتاة ذات الوجه البراق والعطر الباريسي التي كان كل من بــ الجامعة يصفها بـ الغرور والعلياء عليهم لإنها جميلة والحق يقال لقد كانت سندس كــ بدر مكتمل الجمال .. جلست بــ جانبي وراحت ترمقني بــ نظراتها الفاتنة في محضر الصمت وأول ماتحدثت به عندما قالت أنها لاتحب قراءة الكتب وطلبت مني أن نذهب خارج الجامعة ونتحدث في مقهي البيكاديلي الراقي ، فـ وافقت بدون تفكير و وجدتني منقاد لها بــ شكل بعث القلق بـ نفسي لاحقاً . جلسنا وبدأنا بــ إرتشاف جميل لـ قهوتنا وكنّا نبادل بعضنا نظرات كلها حيرة وقلق وهناك دار بيننا حوار طويل .!
سندس : رغم أن أكثر من شاب في الجامعة حاولوا كسر غروري وتجريحي بــ كلام قبيح إلا أنني ظللت متماسكة ولم أجد من فيهم من يجعلني أرى الرجال جميلين إلا ياسين الذي تعرفت عليه في مكتبة الجامعة ، كنت أشعر أنه رجل الأرض الذي أبحث عنه منذ سنين ولا أنسى ماحييت عندما تحدثنا في مقهي البيكاديلي الذي أصبح يحبه ياسين لاحقاً ... وقتها صارحته أنني معجبة فيه .. نظر إليّ وصمت لـ لحظات وطال في صمته وهذا هو الغريب ....! أردت حسم الموقف حينها فــ سألته ( ألست معجباً بي ، ألا ترى كم هو جمالي) ؟؟؟؟؟ عنده نظر إليّ ياسين وأجاب بـــ كل ثقةٍ ( لا تعنيني الأشكال الهندسية لـ الجمال بـ قدر مايعنيني جمال الروح ) ! يا ألهي .... رده كان مدهشاً يخفي ورائه فلسفة عميقة وقناعة جميلة ، إذ أنه من النادر جداً أن نجد رجلاً لايهمه شكل المرأة الخارجي ومظهرها خاصة عندما يكون شاباً في أول العمر ، فــ كل الرجال يهمهم شكل المرأة وجسدها ومن النادر من ينظروا إلى روحها أو يدركوها ...!! ياسين هو الرجل الوحيد الذي كسر هذه القاعدة بــ قناعاتي وبدا ليس كــ أشباه الرجال بل هو سيد الرجال جميعاً . تعلقت به وأحببته كثيراً لإنه أصبح يحبني وأخبرني أنه سـ يتزوجني عندما ننهي دراستنا ويجد عملاً جيداً وبدأنا نرسم أحلامنا معاً بـ ألوان زاهية ونقاء قلوب عشاق طاهرة ، كنا نلتقي كل يوم وعندما أراه يهل عليّ كــ مطلع شمس لـ يظل قلبي يخفق له ويهتف بــ إسمه ... وعدت ياسين بــ أن أكون له وحده وأشاركه حياته فــ كان هذا وعد صادق !
خالد : مع كثرة غياب أهلي عنّي وأهتمامهم بـ أنفسهم كان لديّ فراغ قاتل ولم أعرف أين أذهب به ، ورغم عدم ذهابي لـ الجامعة كثيراً إلا أنني في يوم قررت الذهاب من شدة الفراغ وقدت سيارتي بــ سرعة جنونية في الجامعة حتى صدمت شاباً ، وفي هذه اللحظة شعرت أنني سـ أذهب لـ السجن ... نزلت من سيارتي وحاولت إسعاف هذا الشاب فــ وجدته ملقياً على الأرض وكان يردد ( الحمدلله على كل شيء ) عندها تنفست الصعداء وشعرت أن الضربة لم تكن قوية وذلك لإنني أستخدمت كوابح السيارة بـ كل قوة قبل أصطدامي به ، مددت يدي له وأخبرته أنني سآخذه لـ المستشفى حتى أطمئن عليه فـ رفض بـ شدة وقال أنه بخير ، ورغم هذا لم أتركه يذهب وأخذته إلى بيتنا فـــ رأى ما رأى من جمال وترف وأنبهر كثيراً ، وتلت هذه المرة عدة مرات أتى فيها إلى بيتي ، ومنذ تلك الأيام وأصبح ياسين صديقي الصدوق وكان أول صديق وآخر صديق ...!!!! تعرفي عليه جعلني أذهب لـ الجامعة بــ شكل دائم وحتى أنه عرفني على حبيبته سندس الجميلة ذات يومٍ في الجامعة وكنت مذهولا بــ جمالها ، وحدث شيئ لم أكن أتوقعه فقد كان لزاماً على ياسين أن يذهب إلى عمله كل مساء فــ تركنا أنا وسندس وحدنا في الجامعة وذهب ياسين مضطراً ، ولا أدري لماذا شعرت في هذه اللحظة أن سندس ســ تكون لي رغم أنها حبيبة ياسين صديقي !!! تماديت في الأمر وأخبرتها أنني معجب بها ولدي مال وفير وأستطيع أن أسعدكِ بــ حياة فارهة تحققين فيها كل أمانيكِ ورغباتكِ و واصلت كلامي وأخبرتها أن ياسين فقير جداً ولا يستطيع أن يتخلى مسؤوليته تجاه أهله فــ هو معيلهم وهما محتاجون إليه بـ سبب مرض أبيه ... تفاجأت سندس من كلامي ورمقتني بــ نظرات فهمت مغزاها ، ولكني لم أتمالك نفسي أمام جمالها وسطوتها الأنثوية وحسدت ياسين عليها وتابعت كلامي معها وطلبت يدها لـ الزواج وأخبرتها بـ أنني جاد وليس مثل ياسين الذي فرصه بــ زواجه منكِ معدومة إن لم تكن مستحيلة ... وجدتها أستسلمت لـ كلماتي التي جاءت على وتر حساس فـ سندس هي أيضاً من عائلة فقيرة وتدرس بـ الجامعة على نفقة الدولة لإنها حصلت على معدل عالي قبل الجامعة ، وكل ماقالته بعد وقت من الصمت المعبر ( أمهلني وقتاً أفكر ) !
ياسين : منذ أن عرفت خالد على سندس لم أراها في ذلك الوقت وحتى أنها أنقطعت عن الجامعة وعندما كنت أتصل بها كانت تتحجج بـ المرض ومساعدة أمها في شؤون البيت ، ووجدتها تغيرت كل طباعها فجأة فـ لم تعد تخبرني بـ شوقها الجامح ولـ المرة الأولى منذ أن عرفتها شعرت بـ أن سندس لن تكون لي ، غير أني لم أكن أعرف أسباب هذا الجفاء المفاجئ ....! جاءت سندس إلى الجامعة بعد مدةٍ طويلة وكانت هذه المرة آخر مرة ألتقيها فيها ، جاءت لـ تخبرني بـ كل أستخفاف وضمير مزيف وخداع قلب ونكث عهود و وعود بـ أنها سـ تتزوج من خالد الذي يمتلك أهله بنكاً من المال ، كانت صدمة قوية جعلتني أتخرج بـ شهادة من هذه الحياة غير الشهادة التي حصلت عليها من جامعتي ...! بدأت أذكرها بـ كل وعودها لي وتلك الأحلام الجميلة والأماني المعلقة التي حلمنا بها وحبي لها .. عندها ردت عليّ قائلة بـ أن حبي وكل تلك الأماني والوعود لن تحقق رغباتها وأنني فقير جداً ولا أقدر أن أسعدها . تركتها ورجعت بيتي وشعرت كـ أنني أختنق وبقيت في بيتنا أيام عديدة وأنا حبيس غرفتي أبكي وأنحب كـ الأرامل ولم تجف دموعي مدة طويلة من تلك الخديعة ، فقد شعرت بـ تفاهة الحب الذي يبيعنا لـ إننا فقـــــــــــراء !
سندس : صُدم ياسين من ماصرحت به إليه ولم أراه بعدها ، وفي هذه الأثناء تقدم خالد خطبتي بـ رفقة أباه وأمه وفرحوا أهلي بــ هذا الأمر لإنه من عائلة ثرية طبعاً ، ولا أدري لماذا ظل هناك إحساس بــ داخلي بـ أن خالد سـ يغدر بي يوماً ما مثلما فعل مع صديقه ياسين حبيبي الأسبق ، ورغم هذا الإحساس لم أمانع زواجي من خالد فــ تزوجني ومرت سنة واحدة على زواجنا عيشني فيها خالد بــ كل أنواع العذاب ، فقد تبين لي لاحقاً خلال عشرتي به أنه لايحب أحداً من بني البشر حتى أمه وأباه بـ سبب عقدته من أهله لإنهما لم يكونا يهتمان به ، سألته ذات يوم لماذا تزوجتني فـ أجاب أنه لم يستطع رؤية ياسين ذالك الفقير المعدم حسب ماقاله أن يظفر بي ! هو الحسد عندمل يعتمل في النفس البشرية فـ يحولها إلى كتلة بلا مشاعر وأحاسيس ، لم أستطع أن أكمل حياتي مع خالد فقد كان يضربني بشدة ولا يتركني أذهب إلى بيت أهلي ولا لأي مكان ودائماً كان يناديني بــ أقبح الكلمات ، عندها شعرت أنني أستحق كل هذا وأقتنعت تماماً بـ أنه عقاب من الله لــ خيانتي لـ ياسين ونكث كل عهودي و وعودي بــ سبب البحث عن سعادة زائفة ... طلبت الطلاق من خالد فـ وافق فوراً ولكنه كان يحضر رداً صعقني به ولا أنسى ماقاله أبداً .. بــ أن من يغدر بــ حبيبه فــ هذا نصيبه من العذاب والخزي !!
ياسين : عندما نحب نوهب قلوبنا لـ من نحب ولايهمنا إن كنا سـ نشقى في حبهم أم لا ....... ! وهذا ماحصل معي بــ سبب خيانة سندس وخالد ، أصبحت أكره كل شيء ولم تعد لي رغبة بــ الحياة حتى مضى وقت طويل وشعرت أنني أنهك نفسي ويكفيني حزناً ونواحاً فــ لن تقف الحياة عند من يبيع ضميره ويكشق القناع عن وجهه لــ يرينا ماتخفي كواليسه . أصبحت أجتهد بـ دراستي وإعالة أهلي حتى مضت سنين وعندما تخرجت من الجامعة تعينت في جريدة مشهورة فقد درست الصحافة والإعلام وبدأت أتدرب ليلاً ونهاراً ومرت سنوات من الجهد والتعب وأتقيت في فكري وأصبحت أكتب مقالات في الجريدة وكنت بـ حاجة لـ أجعل من حياتي شكل أجمل ، فـ تذكرت أمنيتي القديمة وحلمي بـ كتابة رواية ونشرها ، وبـ الفعل بدأت وتحمست وتعجبت من تلك الطاقة التي دبت في عروقي فــ تناسيت ماحدث وقلت في نفسي أننا بني البشر لولا النسيان ما كان لـ أصبنا بـ الجنون ...! ها أنا على طريق كتابة اول فصول الرواية ....!
من مذكرات العاشق الحزين 20/6/2012
حــب وأصدقــاء وسعـــادة !( القصة ا!لحائزة على وسام القصة الرائعة ) *2012*