اخبار العرب - كندا : كتب احمد رمضان من رام الله : - تجاوزت تداعيات
الجريمة التي نفذتها مجموعة ارهابية بالقرب من معبر كرم ابو سالم على
الحدود المصرية الاسرائيلية وقتل بنتيجتها اكثر من 15 من عناصر
الجيش المصري كونها قضية امنية، الى كونها اول اختبار، بل تحد سياسي
وامني في ذات الوقت للرئيس المصري الجديد محمد مرسي، فهي اولاً اختبار
للعلاقة مع حركة "حماس" وحكومتها التي تدير قطاع غزة والشقيقة لحركة
الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي، وهي ثانياً تمثل تحدياً امنياً
وطنياً. فالمصريون بمختلف اطيافهم لن يتسامحوا، او يسمحوا ومهما كانت
الذرائع والاسباب ان يتم انتهاك الارض والسيادة المصرية، ناهيك عن قتل
المصريين، ثم انها ثالثاً تمثل تحدياً للعلاقة والتنسيق الامني مع اسرائيل،
ذاك ان العملية انطلق منفذوها عبر انفاق غزة، ونفذت في الاراضي المصرية،
وحاول بعض المشاركين فيها مواصلة عمليتهم حين حاولوا تجاوز الحدود المصرية
باتجاه اسرائيل. أي انها عملية مثلثة الاضلاع، وسيناء من وجهة نظر اسرائيل
تدخل في صلب مفهومها عن امنها القومي، وبالتالي، فإن ما يجري فيها ليس
شأناً مصرياً داخلياً، بل قضية امنية اسرائيلية بامتياز.
لذلك، فإن تداعيات العملية الاجرامية لا تقتصر على حجم الخسائر البشرية
التي اسفرت عنها وهي فادحة بكل تأكيد، بل بما اثارته، واسفرت عنه من
تداعيات شملت الاطراف المذكورة لا سيما حركة "حماس" التي تدير القطاع وتتهم
بالتساهل مع وجود الجماعات "الاصولية الجهادية" وبالتالي فإنها توفر
البيئة والملاذ الامن لهذه الجماعات.
ولأن الطرف الفلسطيني حتى وإن كان ممثلاً بحركة "حماس" وسلطتها في غزة هو
المعني الأول بهذه القضية، فإن باقي الاطراف والفصائل تدرك ان تبعاتها
ستصيب الجميع بمن فيهم السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، حيث
سارعت الى التنديد بالعملية في تصريحات للناطق الرسمي باسمها نبيل أبو
ردينة، حيث وصف العملية بالجريمة البشعة.
وقال أبو ردينة في بيان صحافي امس إن "الشعب والقيادة الفلسطينية وفي
طليعتها الرئيس محمود عباس يدينون بأشد العبارات هذه الجريمة، التي ارتكبت
على يد مجموعة إرهابية آثمة ممن أعمى بصيرتهم التعصب، وذهب بعقولهم التعطش
لسفك الدماء والقتل دون رادع من ضمير أو وازع من إيمان".
وأضاف أبو ردينة ان "الرئيس عباس ومعه القيادة الفلسطينية، إذ يعربون عن
استنكارهم واشمئزازهم من هذه المذبحة، يؤكدون حرصهم الشديد على أمن وسلامة
مصر وشعبها واحترام سيادتها، ووقوفهم الحازم وتضامنهم معها ومع شعبها
الشقيق، وجيشها الذي روى بدماء الآلاف من أبطاله أرض فلسطين دفاعا عنها،
وانتصارا لحقوق شعبها على امتداد أكثر من ستة عقود".
وأشار الى أن "الجريمة التي ارتكبتها فئة ضالة ضد جيش مصر، رغم فداحتها لن
تزعزع عمق العلاقة الراسخة بين الشعبين الشقيقين، والقيادتين الفلسطينية
والمصرية، ولن تطال من دور مصر القومي والوطني الكبير في الالتزام الدائم
والتاريخي بدعم قضيتنا، وكفاح شعبنا في نضاله العادل لنيل حقوقه الوطنية".
واوضح أبو ردينة أن "التضامن مع مصر وشعبها في مواجهة وباء الإرهاب
والتطرف لا يكتمل دون اقتران القول بالعمل بحزم وبلا هوادة لاجتثاث الأسباب
والبيئة التي ولدت وترعرعت في كنفها عصابات القتلة، وأخذت على عاتقها مهمة
العبث بأمن واستقرار ليس مصر وشعبها وجيشها فحسب، بل وبذات القدر بأمن
وسلامة الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة الذي ما زال يرزح تحت وطأة
الحصار الإسرائيلي الظالم، إضافة إلى ما تمثله هذه الجريمة من دعوة مباشرة
لاستدعاء العدوان الإسرائيلي على شعبنا الصامد والصابر في القطاع".
وأعلنت وزارة الداخلية التابعة لحكومة "حماس" المقالة عن إغلاق كافة
الأنفاق على الحدود المصرية وإعلان استنفار كافة أجهزتها الأمنية على
الحدود مع مصر لضبط أي محاولة للتسلل إلى غزة.
وقالت الداخلية في بيان صدر عنها امس انها "تتابع الأحداث المؤسفة على
الحدود المصرية مع قطاع غزة واستهداف مجموعة من الجنود المصريين أدت إلى
استشهاد مجموعة من 13 جنديا مصريا".
واوضحت الوزارة ان "مثل هذا الحادث المؤسف يشير بأصابع الاتهام إلى
الاحتلال الذي يحاول العبث بأمن مصر ونشر الفتنة والوقيعة بين الشعب المصري
وأهالي قطاع غزة وسرقة انجازات الثورة المصرية"، مستنكرة الاستهداف الغادر
لجنود مصر، معتبره ذلك محاولة للعبث وزرع الفتنة من قبل الاحتلال، وقالت
إن "الحدود مع مصر محمية ومؤمنة من قبلنا، ونعتبر الأمن القومي المصري من
أولوياتنا وأمن مصر هو أمننا".
وعبرت الداخلية عن رفضها رفضا قاطعا الزج بقطاع غزة في هذه الأحداث
المؤسفة دون تحقق أو تحقيق في محاولة لتأليب الشارع المصري على غزة. ونعت
الجنود المصريين وقالت "نحسبهم من الشهداء ولا نزكي على الله أحدا وإنا لله
وانا اليه راجعون".
الى ذلك، دعا رئيس حكومة "حماس" اسماعيل هنية الفصائل الفلسطينية الى
اجتماع عاجل لتدارس تداعيات العملية، بعد ان ترأس اجتماعاً استمر حتى فجر
امس مع ضباط اجهزة حكومته الامنية ووزير الداخلية فتحي حماد، واتخذ قراراً
فورياً بنشر مئات العناصر من اجهزة الحكومة بالقرب من الحدود المصرية
الفلسطينية، واغلق الانفاق، فيما قالت مصادر مقربة من الحكومة ان الجانب
المصري لن يقبل بأقل من القاء القبض على الفاعلين الذين نجحوا بالفرار الى
القطاع وتسليمهم للجانب المصري.
اسرائيلياً، اعلن ناطق باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي امس عن مقتل خمسة من
أعضاء المجموعة المسلحة التي هاجمت الأحد مركزا حدوديا بين مصر وإسرائيل
فقتلت 16 من حرس الحدود المصريين قبل ان تدخل الاراضي الاسرائيلية في الية
مدرعة.
وقال الناطق "عثر الجيش الاسرائيلي على جثث المسلحين الخمسة" بدون كشف أي تفاصيل اخرى.
الى ذلك، قام رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود
باراك ورئيس هيئة الاركان بيني غانتس بجولة تفقدية في معبر كرم ابو سالم
المحاذي لحدود قطاع غزة حيث تم احباط الهجوم بحسب الاذاعة الاسرائيلية.
وقال نتنياهو ان "هذا الحادث يؤكد مرة اخرى ان ليس امام إسرائيل خيار سوى
الاعتماد على نفسها في حماية مواطنيها"، مشيرا الى ان "الحفاظ على هدوء
الحدود المشتركة بين إسرائيل ومصر يصب في مصلحة البلدين".
الى ذلك، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" على موقعها على الشبكة الالكترونية
أن باراك تحدث امس، عن الهجمات على الحدود مع مصر وقطاع غزة، وخالف
الرقابة العسكرية في بث مباشر كاشفا عن تفاصيل منع نشرها.
واعتبر باراك العملية تنبيها لمصر لتأخذ زمام المبادرة، وكشف بعض التفاصيل عن قتل منفذين شاركوا في العملية، والتي منع النشر عنها.
وقال باراك إن مجموعة اعتبرها من "الجهاد العالمي" (على حد تعبيره) نشطت
في سيناء قرب معبر كرم أبو سالم وسيطرت على موقع مصري مع حلول ساعات
الظلام. وأضاف أن المجموعة سيطرت على مركبة (شاحنة صغيرة) ومدرعة صغيرة
وتحركت باتجاه الحدود، السياج الغربي. وقال إن المركبة تحركت أولا وانفجرت
قرب السياج الحدودي، وبعد ذلك عبرت المدرعة السياج".
وقال باراك ان "قوة عسكرية إسرائيلية صغيرة ودبابة كانت قبالة المدرعة، في
حين قامت طائرة بقصف المدرعة. بعدها هبط شخصان من المدرعة وهربا فأطلقت
عليهما قوات الجيش النار وقتلتهما ويوجد في المكان 6 جثث أخرى".
وأضافت الصحيفة أنه تم إغلاق معبر البضائع كرم أبو سالم، وأن أجهزة الأمن
ستقوم في الأيام القريبة بدراسة الترتيبات الأمنية على المعبر مجددا.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية امس عن تحقيقات الجيش الإسرائيلي ان الطيران
الحربي قتل المسلحين الذين تسللوا من سيناء بعد توغلهم مسافة كيلومترين في
الأراضي الإسرائيلية ووصلوا إلى شارع يستخدمه مدنيون مساء. وأفاد موقع
"يديعوت أحرونوت" الالكتروني أن المركبتين المدرعتين اللتين استولى عليهما
المسلحون بعد مهاجمة مركز للشرطة المصرية في سيناء حاولتا التسلل إلى
إسرائيل وأن إحداهما اصطدمت بحاجز قريب من معبر كرم أبو سالم.
وأضافت الصحيفة أن المدرعة الثانية توغلت إلى عمق كيلومترين في الأراضي
الإسرائيلية ووصلت إلى شارع يستخدمه المدنيون الإسرائيليون بين بلدتي
"ييفول" و"ييتد" وعندها تم قصف المدرعة، عندها خرج منها مسلحون تم قتلهم
بنيران قوة إسرائيلية خاصة بعد تبادل إطلاق النار بين الجانبين. ووجهت
وسائل الإعلام الإسرائيلية انتقادات إلى الجيش الذي تفاخر بصد الهجوم بنجاح
كبير بينما في الواقع تمكن المسلحون الذين يعتقد أنهم ينتمون إلى خلية
تابعة لحركة الجهاد العالمي، من التوغل في الأراضي الإسرائيلية.